2010-09-22 الدوحة - محمد عزام دعا مشاركون في الندوة الوزارية التي ناقشت جودة التعليم في العالم العربي إلى إصلاح مكوّنات العملية التعليمية من مناهج وطرق التدريس وأساليب التقويم وآليات التسيير. وأكد المشاركون - في الندوة التي انطلقت فعالياتها أمس بحضور وزراء وممثلين لـ 18 دولة عربية – أن تحقيق جودة التعليم يحتاج إلى التكامل بين الإرادة السياسية والتخطيط الملائم والتنفيذ المعتمد على التقييم والتقويم. في بداية الندوة قال سعادة سعـد بن إبراهيم آل محمود وزير التعليم والتعليم العالي: إن قطر أولت التعليم أهمية كبيرة؛ حيث يقوم النظام التعليمي في قطر على الجودة في الأداء، ويمزج يبن الاستقلالية والمحاسبة، ويسمح بحق الاختيار وحرية التنوع واحترام الآخر، ويحقق المساواة بين الجنسين، ويشجع الطلبة على كيفية التفكير والتعلم والإبداع، وينمي لديهم مهارات حل المشكلات والتفكير الناقد والإبداعي، ويعزز في نفوسهم المواطنة والهوية الثقافية العربية والإسلامية وأضاف أن قطر بقيادتها الرشيدة وعلى رأسها حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى أدركت منذ وقت مبكر أهمية التركيز على عنصر الجودة؛ حيث تعاملت برؤية مستنيرة وعميقة مع التحديات والمتغيرات التي تتمثل في تزايد المعارف وتراكمها، وتسارع الاكتشافات العلمية وتطبيقاتها في فترات زمنية قصيرة. وأكد الوزير أن جودة التعليم في المنطقة العربية لن تتحقق بالآمال والتمنيات؛ حيث تستلزم معادلة تتكامل أركانها المتمثلة في الإرادة السياسية القوية والتخطيط الملائم والتنفيذ المعتمد على التقييم والتقويم وأشار آل محمود في كلمته بالندوة إلى أن الملتقى التربوي يناقش قضية جودة التعليم في البلاد العربية ليومين حتى يتم تحقيق الهدف المنشود وتحويله إلى واقع ملموس. وشكر مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع وعلى رأسها صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس مجلس الإدارة؛ لاستضافتها للندوة، وثمن جهود المنظمة العربية برئاسة سعادة الدكتور محمد عزيز بن عاشور على تنظيم الندوة، بالتعاون مع البنك الدولي. وقال إن التعليم يعد حجر الأساس في البناء الناجح للدول، ولن يتحقق إلا بتطوير ثروتها الممثلة في المورد البشري؛ حيث يعد التطوير أهم صور الاستثمار الحقيقي عبر إعداد الكفاءات الوطنية التي تسهم في بناء الاقتصاد والمجتمع وتلبية متطلبات التنمية الشاملة. ولفت إلى أن متطلبات الدول العربية تخطت توفير التعليم إلى الجودة التعليمية التي تعد التزما أساسيا في مقدمة سلم أولويات القيادات التربوية في العالم كافة، وفي العالم العربي على وجه الخصوص؛ لتحسين وتطوير أداء المنظومة التعليمية ومخرجاتها ضمن عملية الإصلاح المستمرة، كما أصبحت الدول أكثر وعيا بأن الإصلاح لا يتحقق إلا من خلال مؤشرات أداء دقيقة وشاملة، وأساليب تقويم فعالة ومتكاملة، تسهم في رفع الكفاءة وتطوير الأداء. وأوضح وزير التعليم أن النقلة النوعية نحو تطوير التعليم في دولة قطر «تعليم لمرحلة جديدة» تعد ركنا أساسيا ضمن رؤية قطر 2030؛ حيث راعت توظيف الجودة في كافة مجالات التعليم كهدف تربوي يرتبط بمتطلبات التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن لذلك التوجه ثماره الطيبة في أن تكون ثقافة الإتقان وتبني الجودة جزءاً لا يتجزأ من المناخ العام للعملية التعليمية وفي شمول التقويم لجميع مدخلات ومخرجات عناصر المنظومة التعليمية. وأضاف آل محمود أن المحاور التي تتناولها الندوة لن تصل إلى أهدافها دون الاستناد إلى الخبرات المستفادة من تجارب الدول العربية لتطوير وتجويد ما نقوم به من مبادرات فعلية يمكن أن تثري المنطلقات والتوجهات نحو الخطط المستقبلية بما يؤدي إلى مرتكزات ثابتة في تعاون مثمر يحقق الجودة المبتغاة. وقال: نحن مدعوون في هذه الندوة المتخصصة حول «جودة التعليم في بلادنا العربية» إلى تبادل الخبرات والتجارب فيما بيننا، وأن نستفيد من كل ذلك لإيجاد قاعدة مشتركة وبلورة رؤية عميقة لتطوير التعليم في بلادنا تستوعب كافة متطلبات ومتغيرات العصر من أولويات إصلاح التعليم والارتقاء بجودته وتوفير المعلومات والبرامج وإعداد البحوث اللازمة في مجال الجودة مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات منطقتنا العربية على مختلف توجهاتها دون إغفال؛ لانتسابنا إلى عالم سريع التطور والتغير. من جانبه قال ستين يورقنسن - مدير قطاع التنمية البشرية بالبنك الدولي - إن أهم التحديات التي تواجه الدول العربية تتمثل في تجويد التعليم؛ لتلبية متطلبات سوق العمل، موضحا أن كثيرا من الاستثمارات في مجال التعليم تضيع؛ بسبب سوء الأنظمة التعليمية، وإن الدول العربية ستظل متأخرة ما لم ترتق إلى التعاون في مجال تجويد التعليم. وأضاف أن جودة التعليم مرتبطة بمعدلات التنمية؛ حيث توجد علاقة بين زيادة الناتج المحلي وتحسين المخرجات، وقال إن البنك الدولي أنفق 23 مليار دولار؛ لدعم التعليم في الدول النامية. وأوضح وجود علاقة ارتباط بين التعليم والصحة والنمو الاقتصادي، فجودة التعليم تؤدي إلى التقدم؛ ولهذا فإنه من الضروري العمل على تجويد التعليم ببناء المدارس وتدريب المعلمين وإعطائهم الحوافز ومساءلة مديري المدارس مع منحهم فرصة للمساهمة في صياغة برامج وسياسات تطوير التعليم. وطالب بضرورة أن تركز الدول على الشفافية والمراقبة والالتزام بالتعاون الإقليمي مع المنظمات الدولية التي تستطيع أن تقدم قيما مضافة للعملية التعليم مثل الإسيسكو ومؤسسة قطر. وأكد مسؤول التنمية في البنك الدولي أن التعليم حجر الأساس لبناء الدول، وأن الجودة في التعليم أصبحت التزاما أساسيا في ذهن القيادات التربوية، ولهذا لكي نحقق الجودة في التعليم فلا بد من إرادة سياسية وتخطيط ملائم يسعي لإقامة نظام يقوم على الاستقلالية والمحاسبية، فكلما زادت هذه الاستقلالية كانت النتائج أفضل. أما الشيخ الدكتور عبد الله بن علي آل ثاني – رئيس جامعة المدينة التعليمية – فأوضح أن فكرة الندوة تعود إلى انطلاقة مؤتمر وايز عام 2009؛ حيث حظيت الندوة بمشاركة عدد كبير من المسؤولين رفيعي المستوى، يمثلون 18 دولة عربية ومتخصصين من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخبراء التعليم من الدول المختلفة بما يدل على اهتمام المشاركين بجودة التعليم بالمنطقة العربية. وقال: منذ عام 1995 لم نكن نعتقد أنه سيكون لدينا مثل هذا التحول العملاق في دولة قطر وما تبعه من تطور اقتصادي واجتماعي وثقافي على مختلف الأصعدة. وأكد أن رؤية حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى التي تهتم بالإنسان القطري تم تحقيقها في إنشاء مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع؛ بهدف التسريع في التنمية البشرية في قطر والمنطقة بما يؤكد أن التعليم الركيزة الأولى والأساسية لهذه المؤسسة بقيادة صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس مؤسسة قطر. وأشار إلى أن مؤسسة قطر تستخدم عناصر التميز ذات المستوى العالمي؛ حيث جلبت جامعات عالمية واستقطبت طلاباً وأساتذة من مختلف دول العالم، مشيراً إلى أن مؤسسة قطر تسعى لرفع معايير المعرفة في المنطقة. وأكد أن مؤسسة قطر تؤمن بأن التعليم النوعي حق مشروع لكل فرد وهو فارق بين الفرد المشارك بإيجابية في بناء المجتمع والفرد المعتمد على الآخرين. وأكد أن مبادرة صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند -بإطلاق المؤتمر العالمي للابتكار في التعليم (وايز) لتبادل الأفكار ورفع مستوى التعليم النوعي في العالم وربط جميع القطاعات المهمة- تؤكد أهمية مشاركة القطاع الخاص والمؤسسات الدولية والقطاعات غير الحكومية والإعلام، وفوق كل ذلك مشاركة الحكومات من الذين يمثلون صناع القرار. وأعرب عن سعادته بالإنجاز الذي حققه مؤتمر وايز في دورته الأولى العام الماضي والتي يمكن الاستفادة منها؛ من أجل الوصول إلى نتائج مهمة وفعالة في ندوة الجودة في التعليم. وثمن الدكتور محمد عبدالعزيز بن عاشـور - المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم – جهود قطر لاستضافتها الندوة، وطلب من وزير التعليم إبلاغ صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أسمى عبارات الاحترام لسموه وللفاضلة حرمه سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيسة مؤسسة قطر. وقال: «تأتي النـدوة تجسيدا لشراكة ثلاثية الأطراف بين مؤسسة قطر والبنك العالمي والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم؛ حيث اخترنا أن يدور النقاش حول مسألة جديرة باهتماماتنا بحيث نسخّر لها كل طاقاتنا وجهودنا؛ حيث يواجه الأنظمة التربوية العربية تحدي جودة التعليم؛ بحيث تظهر قدرتها على توفير تعليم مُجد وفاعل من حيث تأثيره على التنمية الشاملة واستجابته لحاجيات الأفراد والمجموعات وفق متطلبات العصر. وذكر أن ما أنجز في العقود الأخيرة في الوطن العربي في قطاع التعليم من تحسن نسب الالتحاق بالتعليم والإصلاح والتحديث وغيرها من المكاسب غير كاف في مستوى المخرجات ونوعيّة كفايات الطلاب ومؤهلاتهم ومهاراتهم؛ حيث يظهر النقص في التقييمات الدوليّة المقارنة مثل TIMSS وPISA كما تتجلى في نسب البطالة المرتفعة في صفوف خريجي الجامعـة وحاملي الشهادات العليا؛ حيث توضح التقييمات أن التعليم العربي -بالرغم من التضحيات الجسيمة التي تقدمها الدول، ومن الجهود الجبّارة المبذولة من أجل التربية والتعليـم- لم تبلغ منظومته التربوية بعد إلى مستوى المعايير العالمية، كما أن ما تقدمه المدارس والجامعات لا يتناسب بالقدر المطلوب مع حاجيات سوق العمل ومتطلباته. وقال: «إن الوعي بضرورة التصدي لهذا الوضع تنامى في السنوات الأخيرة، وترتب عليه الحرص من لدن السادة رؤساء الدول والأمين العام لجامعة الدول العربيـة على بلورة خطة لتطوير التعليم في الوطن العربي، وكلفت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بذلك، وفي سنة 2008 عرضت الخطة في صورتها النهائية على القمة العربية في دورتها العشرين بدمشق؛ حيث تم إقرارها، وكلفت الألكسو بالسهر على تنفيذها، وإذا تدبّرنا مليا أهداف هذه الخطة تبيّنا أن مقصدها الأسمى إرساء مقومات الجودة في كل مكونات العملية التعليمية بمختلف مراحلها ومسالكها من التعليم قبل المدرسي إلى الجامعة مرورا بالتعليم التقني والمهني. ومن دواعي الاطمئنان أن محاور ندوتنا هذه تندرج ضمن مشاغل خطة تطوير التعليم في الوطن العربي، ومن شأنها تسليط الضوء على مسائل جوهرية بالنسبة لضمان الجودة، وتسمح لنا بالتعمـق فيها وإثـرائها». وأوضح أن مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص في الالتحاق بالتعليم والاستمرار فيه أساسي، وينبغي الحرص على تحقيقه. وثمن الجهود التي بذلت في هذا الصدد بالدول العربية منذ منتصف القرن الماضي. ودعا إلى تنويع المسالك التعليمية أمام الشباب، وفتح الآفاق لكل الذين يأنسون في أنفسهم القدرة على المضي إلى أقصى مدى في التعلـم والتكـوين على مختلف أنواعه الأكاديمي والتكنولوجي والتقني، بل والفنّي والرياضي. وأشار إلى أهمية دور المدرس في نجاح الإصلاح، وفي توفير مقومات جودة التعليم، وقال: «ما آلت إليه أوضاع المعلمين، وما يعتريها من إحباط يؤكد ضرورة العناية بالرفع من الكفاءات المهنية وتحسين أوضاعهم المعنوية والمادية والرفع من شأنهم مجددا في المجتمع، وهو ما يعد شرطا أساسياً من شروط توفـير تعلـيم جيّـد. وقال إن الجودة تتطلب توفر القدرة على التحليل والتأليف وحل المشاكل والتواصل والفكر النقدي، وإنجاز المشاريع التطبيقية والمبادرة والإبداع لدى الطلاب بالإضافة إلى تعزيز دور التعليم في نشر قيم التفتح والتسامح والمواطنة واحترام الآخر مع الاعتزاز بالذات والهوية واللغة؛ حيث تكمن الجودة في نهاية المطاف في قدرة المدرسة على تنشئة التلاميذ على المؤهلات والقيم، وهي غاية تحتم القيام بمزيد من الجهد لإصلاح مكوّنات العملية التعليمية من مناهج وطرق التدريس وأساليب التقويم وآليات التسيير.
رابط الخبر/ http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=150064&issueNo=1010&secId=16 |
0 التعليقات:
إرسال تعليق