يسهم في زيادة الإنتاجية وتحسين العلاقات الإنسانية.. والمنطقة العربية بحاجة ماسة إلى ذلك
فرضت التغيرات العالمية المعاصرة في عالم العمل والوظائف، العديد من التحديات والضغوط اليومية المتزايدة على العاملين في مكان العمل، التي من بينها، ارتفاع معدلات البطالة، والقلق من فقدان الوظيفة وصعوبة الحصول على فرصة عمل أخرى في المستقبل، وعدم الحصول على رعاية صحية بأسعار مناسبة، والنقص في الأجور وعدم كفايتها لمتطلبات الحياة اليومية، ونمط وأساليب التعامل والعلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين في العمل.. إلى غير ذلك من ضغوط عديدة تواجه العاملين، وتؤثر على دافعيتهم للعمل وعلى حياتهم الشخصية ومستوى سعادتهم، كما تنعكس على مستوى الأداء ومعدل إنتاجية مؤسسة العمل.
ولكن، كيف يمكن خلق بيئة عمل مناسبة وناجحة وتطويرها باستمرار لتكون أكثر إيجابية للعمال ومؤسساتهم، ويمكن أن تسهم في زيادة دافعيتهم وابتكاريتهم وكفاءتهم وشعورهم بالرضا وتسلحهم بالأمل والعزيمة؟ وكيف يمكن مساعدة العاملين على التحكم في سلوكياتهم وانفعالاتهم والصمود أمام التحديات والمشكلات والضغوط والشدائد والمحن؟ وما المفاهيم النفسية المرتبطة بالجوانب والعلاقات الإنسانية والشخصية والاجتماعية الإيجابية الأكثر أهمية التي يجب على رؤساء العمل التركيز عليها في علاقاتهم وتعاملاتهم مع العاملين، التي تعد رأسمال نفسيا وخطوط دفاع مهمة تسهم في تحقيق مستوى أفضل من الرضا والتكيف، ولمساعدتهم بفاعلية على فتح قلوبهم وعقولهم والتعرف على إمكاناتهم الإيجابية ومعرفة كيفية توظيفها وتنميتها لزيادة مستوى الأداء والإنتاجية لتحقيق أهداف ورسالة مؤسسة العمل؟ وما دور الانفعالات الإيجابية مثل الذكاء العاطفي أو الوجداني أو الانفعالي، والتعاطف والإيثار والتسامح والعفو والصفح والتفاؤل والأمل، في تحقيق السعادة والحب والأمن والرضا عن العمل والحياة وتوطيد العلاقات الإنسانية وزيادة الدافعية والإبداعية؟ وما دور القيم الدينية والروحية والأخلاقية في تحقيق التكيف وتطوير الذات وإنجاز الأهداف والحماية والوقاية من الاضطرابات والمشكلات النفسية والسلوكية؟ وكيف يمكن للرؤساء حل مشكلات العمل واتخاذ قرارات صائبة بحكمة وروية دون التأثير على نفسيات وإمكانات العاملين، للمضي قدما والتطلع لمستقبل أفضل للعاملين ولمؤسسات عملهم، الأمر الذي يسهم في النهاية في تحقيق الرفاهة والسعادة والأهداف الاقتصادية والتنمية الشاملة المتكاملة في المجتمع؟
للإجابة عن هذه التساؤلات، ظهر تيار جديد في علم النفس، يعرف بـ«علم النفس الإيجابي»، وهناك دعوات عديدة متزايدة حاليا نحو الأخذ به في أماكن العمل نظرا لتطبيقاته وآثاره الواعدة في جميع مجالات الحياة.
وقد تم تأسيس علم النفس الإيجابي (Positive Psychology) عام 1998، على يد عالم النفس الأميركي البروفسور مارتن سيليغمان مدير مركز علم النفس الإيجابي في جامعة بنسلفانيا الأميركية، وأصبح هناك حاليا اهتمام متزايد بهذا العلم، حيث تم تأسيس العديد من الأقسام والمراكز وإجراء الدراسات العلمية وتنظيم المؤتمرات المتخصصة حول العالم، التي تعني بهذا العلم وتطبيقاته المهمة في العديد من المجالات. ويركز هذا العلم على دراسة وتحليل مواطن القوة والإبداع والعبقرية، ودور الخصائص الإنسانية الإيجابية مثل الرضا، والتفاؤل، والامتنان والاعتراف بالفضل، والصفح والعفو، والتسامح، والأمل، والإيثار، والتعاطف، والتقدير الاجتماعي، والتحكم في الذات، وحب الاستطلاع، في تحقيق وتعزيز السعادة الشخصية للفرد في مختلف أنشطته وممارساته اليومية، حيث يساعد الأفراد والمؤسسات على اكتشاف قدراتهم ومواطن قوتهم الإيجابية، وتنمية كفاءتهم الذاتية، الأمر الذي سينعكس على صحة وإنتاجية الأفراد وتحسين جودة حياتهم وزيادة فعالية المؤسسات بصفة عامة.
يرى علماء علم النفس الإيجابي، أن تمتع العاملين بالتفاؤل والأمل، يجعلهم أكثر قدرة على أداء وإكمال مهامهم الوظيفية بصورة أفضل وشعورهم بالرضا والسعادة والالتزام في العمل، والصمود أمام العقبات والضغوط، ويمنحهم التعزيز الاجتماعي لمواجهتها، كما أن ضبط النفس يمنحهم القدرة على التركيز المستمر في أداء الأعمال، والتفكير المستقبلي الذي يدفعهم للأمام لأداء مهام أكبر، كما أن الحفاظ على انفعالات ومواقف تفاعل إيجابية سوية بين العاملين في مؤسسات العمل، يساعد على تحسين صحتهم النفسية، كما يشجع على النمو والازدهار والإنتاجية على المستويين الفردي والتنظيمي. ويجيب علم النفس الإيجابي عن سؤال مهم وهو: كيف يمكن بناء أماكن وبيئات ومنظمات عمل إيجابية للأفراد والمؤسسات، وإعداد قادة يتمتعون بخصائص وأهداف علم النفس الإيجابي؟
الشرق الأوسط رابط الموضوع كاملا: http://aawsat.com/details.asp?section=54&article=630215&issueno=11910
0 التعليقات:
إرسال تعليق