يا ما أرخص المعلم !


إصلاح التعليم خطوته الآولى إصلاح وضع المعلم وأول بنوده حصوله على الأمن الوظيفي ، والرضا عن دوره في المجتمع وشعوره بأهميته وتقدير المجتمع له.
وسيبقى كثيرا من كلامنا عن تطوير التعليم والنهوض به كلاما في الهواء ينتهي أثره بمجرد أن يقفل المتحدث فمه مباشرة.وكل محاولة لتصحيح الوضع لاتعنى بالمعلم فأحكم عليها بالفشل لأنه لايمكن أن تتم أي عملية إصلاح للواقع التربوي و التعليمي دون أن يقتنع بها المعلم ويدعمها... هل جئتكم بشئ جديد؟

 لا أظن . وإنما أذكر نفسي وإياكم بواقع أليم نعيشه من غمط للمعلم وهضم لحقوقه.وإذا كان المعلم يعاني فإن المعلمة تعاني بشكل أكبر بسبب قلة حيلتها وضعفها...لكم الله أيها المعلمون في هذا الزمان حين لم يتهيأ لكم تأهيل جامعي جيد ولتخرجوا إلى الميدان بطموحات وآمال عريضة لاتلبث أن تتهاوى بمجرد وضعكم أقدامكم على أولى درجات سلم التربية...
ليس هذا تشاؤما وإنما هو وصف لواقع مرير يجب أن نسعى لإصلاحه وهذا قمة التفاؤل أن تسعى للتغير (وهذا معنى للتفاؤل  من وجهة نظري).
تحياتي لكم..(أبوبكر)

على قامة الريح

يا ما أرخص المعلم !

فهد السلمان / جريدة الرياض

    حكيم شابٌ بنغالي يمتهن بيع الخضار تحت غطاء عامل تحميل وتنزيل ، ويستأجر شابا سعوديا ككفيل يدفع له كل رأس شهر هجري ألفي ريال ، الذين يعرفون حكيم يقولون إن دخله اليومي يوازي راتب كفيله لشهر كامل اذكروا الله أما الكفيل فتتوقف مهمته عند حد الجلوس لبضع ساعة أمام المبسط على كرسي متهالك مسنود بطوبة ، ليحتسي كأسا من الشاي في كوب من الورق قبل أن يمضي في حال سبيله من باب ذر الرماد .. إن كان هنالك ما يستدعي استخدام الرماد ، والمسألة فيها قولان ! .

تذكرت حكاية حكيم هذا الذي يثري من بلادنا بهذه الصورة ، ولا أعرف لماذا ركبت في ذهني وأنا أنصت إلى أب يشكو من ظلم بعض المدارس الأهلية لمعلماتها السعوديات .. يقول الرجل : ابنتي تحمل البكالوريوس في الفيزياء وبتفوق ، ولأنها لم تجد فرصة عمل في التربية فقد اضطرت للقبول بوظيفة معلمة في مدرسة أهلية مقابل ( 1500 ) ريال !! ، والمدرسة ترفض التعاون مع صندوق الموارد البشرية الذي يضاعف المكافأة لمدة سنتين ، حتى لا تتحمل هذه المضاعفة بعد انتهاء مدة الاتفاق ، سيقول بعضكم : ماذا تريد ؟ هذه بنت وليس بوسعها أن تأخذ مكان حكيم في سوق الخضار لتتقاضى ستين ألفا في الشهر ، وهذا صح .. لكن الأمر لا يتوقف على هذه المعلمة حتى المعلمين في بعض هذه المدارس لهم من الطيب نصيب .. إذ يبخسون بنفس المرتب ، وكأنهم شيء من بضاعة حكيم ، ( 1500 ) ريال لمعلم أو معلمة فيزياء أو كيمياء أو رياضيات أو أي مادة أخرى!

هل أصبح المعلم رخيصا إلى هذه الدرجة ؟ ثم هل المطلوب ممن أفنى الشطر الأكبر من عمره في التعليم والتخصص في التربية أن يتحول إلى بائع خضار ليعيش ؟ ومشكلة المعلم أو المعلمة أنهما لا ينفعان في مكان آخر ، وإلا لاقترحنا على المعلمين الذين تلفظهم أو ترفضهم التربية أن يفتشوا عن ذواتهم إلى جانب حكيم .. خاصة وأنهم محرومون حتى من سوق الدروس الخصوصية ، وهي سوق عامرة ولكن لغير السعوديين ، لأن مرتكبيها يستعينون على قضاء حوائجهم بالكتمان فيلجأون للأجانب ! .

السؤال الأهم : طالما أننا وصلنا إلى قناعة أن العرض أكبر من الطلب ، فلماذا نصر على الإبقاء على كليات المعلمين وكليات التربية .. لنصل إلى هذا الاسترخاص لقيمة المعلم التي لا تساوي في الشهر ثلاثة أرباع دخل حكيم اليومي ؟ فقط لماذا ؟ ولن أتساءل عن السر في تلك الشكاوى المتصاعدة في الكثير من المدارس عن النقص الحاد في كوادر المعلمين والمعلمات . لأنها مسألة بلا إجابة .

( 1500 ) ريال .. مقابل أربع وعشرين حصة في الأسبوع وإجازة قبل مدارس الحكومة بأسبوعين للتنصل من استحقاق هذا الراتب التعيس واحمد ربك ، ألا يستدعي كل هذا من معلم الفيزياء أو غيره أن يمزق شهادته ، ويطلب وظيفة عند حكيم إن لم يتسن له الحصول على مبسط مستقل ؟ ألا يستدعي من وزارة التربية وقفة أدبية على الأقل لحماية سمعة المعلمين والمعلمات من الاسترخاص ، والاسترزاق بجهدهم وعرقهم ؟

يا الله ما أرخص المعلم في بلادنا !..



0 التعليقات:

إرسال تعليق