العالم العربي والتعليم...عندنا وعندك خير

يبدو أن مشكلات التعليم في العالم العربي كما ذكرنا في مشاركة سابقة ينطبق عليها قولهم( الحال من بعضه)..
ويذكرني هذا بعبارة كثيرا ما يرددها كبار السن عند مواساة الآخرين بقولهم(عندنا وعندك خير)...تقبلوا تحياتي .. أخوكم أبو بكر.


العالم العربي والتعليم

الكاتب محمد الباهلي - صحيفة الاتحاد

يعد التعليم أحد المؤثرات التي تلعب دوراً مهماً في تغيير حياة الأمم والشعوب، باعتبار أن الإنسان المتعلم هو الركن الأساسي والعمود الفقري في أي نهضة أو تطور وتغيير في حياة البلدان ومستقبلها. والمتعلمون هم الثروة الحقيقية والمدخل الأساسي لتحريك المسارات النهضوية نحو أهدافها المطلوبة، لهذا ليس غريباً أن تتسابق الدول في وضع الخطط والاستراتيجيات الخاصة بتطوير التعليم وتحسين جودته، بل إن دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية شعرت بحالة من الخوف والفزع، عكسها تقرير "أمة في خطر"، حين لاحظت أن تعليمها ليس على ما يرام.

من هنا تأتي أهمية طرح موضوع التعليم للنقاش؛ فمشكلة تطوير التعليم لا تكمن في وضع الاستراتيجيات، ولا في قلة الأفكار والمقترحات، بل في القيادات التعليمية القادرة على فهم التعليم، وعلى تحويل الطروحات النظرية إلى برامج تنفيذية على أرض الواقع، وتحريك هذا الواقع فعلياً نحو المسار الصحيح، والنظر إلى التعليم كمنظومة متكاملة يشارك فيها الجميع.



لقد كانت هناك إصلاحات وتجارب عربية عديدة خلال العقود الأربعة الماضية، لكن حصيلتها لم تصل إلى التغيير الجوهري الملموس، الذي يعمل على خلق حالة من التقدم العلمي والتقني العربي، كما لم تصل إلى إنتاج فكر تربوي عربي قادر على تلمس خصوصيات الواقع العربي واستنباط نظرياته.

ولعل الجميع متفقون على أن هناك إشكاليات في مسألة التعليم، سواء فيما يتعلق بضعف المخرجات، أو فيما يتصل بالقصور في مواجهة تحديات العصر ومشكلات التخلف.

لذا فثمة حاجة إلى رؤية تربوية عربية جديدة تنطلق من منظور عربي خالص، وتكون قادرة على تحقيق المستويات الدولية، سواء في مجال المناهج الدراسية ومقررات المواد العلمية، أو فيما يخص أساليب التدريس والمهارات الفنية الجديدة وتقنيات البحث العلمي.

كما أن ثمة حاجة إلى مراكز قومية للبحوث التربوية قادرة على صناعة فكر تربوي يمكن الاعتماد عليه في رسم سياسات التعليم وإمداد صانعي السياسة التربوية بالأفكار والتصورات والخطط.

هناك أيضاً مسألة الدعم المالي، وأعني بها أن أكثر ميزانيات التعليم في العالم العربي تذهب بعيداً عن الهدف الرئيسي للتعليم حيث يتسرب 80 في المئة منها إلى الجوانب الإدارية والأنشطة الشكلية، حيث أصبح الإنجاز في التعليم يقاس بالكم وليس بالكيف: عدد المدارس والفصول والطلاب والمعلمين والإداريين... وليس بكم الإنجاز العلمي والإنتاج التعليمي والبحثي وقوة المخرجات وعدد العلماء والمبدعين والمخترعين والمبتكرين والمكتشفين! لذلك لم يُنظر إلى التعليم على أنه العمود الفقري لقوة الدولة الوطنية أو على أنه المشروع القومي الأهم للمجتمع والذي يجب أن تخصص له الأموال وأن يكون المجتمع بأكمله شريكاً في دعمه، لاسيما أصحاب الثروة فيه، أو أن تكون ثمة مؤسسات عربية تختص فقط بتمويل التعليم والتوسع في دعمه، وجعل ثقافة تمويل التعليم ثقافة عامة.

ثمة أيضاً إشكالية تعليمية أخرى هي موضوع الهوية، حيث أن التعليم في كثير من البلاد العربية ابتعد خلال العقود الأخيرة عن المقومات الأساسية للشخصية الثقافية العربية، وصورة ذلك تبدو واضحة من خلال انتشار المدارس والجامعات الأجنبية، ومن خلال اعتماد اللغة الأجنبية لغة للتعليم، وتقليص دور مادة اللغة العربية والتربية الإسلامية والوطنية والتاريخ.




--



0 التعليقات:

إرسال تعليق